«فايزر» تسعى لإدراج لقاح «المخلوى التنفسى» ضمن برامج التطعيم الحكومية

ومع احتدام المنافسة بين عمالقة الدواء مثل أسترازينيكا وميرك ونوفارتس، يبرز السؤال الأهم: كيف ستنعكس هذه التحولات العالمية على خريطة الاستثمارات الدوائية فى السوق المصرية

«فايزر» تسعى لإدراج لقاح «المخلوى التنفسى» ضمن برامج التطعيم الحكومية
Ad

فى الوقت الذى أعلنت فيه شركة فايزر الأمريكية عن نتائج قوية للربع الثانى من عام 2025، بإيرادات بلغت 14.7 مليار دولار وخطط لخفض تكاليفها بما يقارب 7.2 مليار دولار بحلول 2027، تتجه أنظار المستثمرين إلى الأسواق الناشئة، وفى مقدمتها السوق المصرية، باعتبارها إحدى البوابات الأكثر نموًّا فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

ومع احتدام المنافسة بين عمالقة الدواء مثل أسترازينيكا وميرك ونوفارتس، يبرز السؤال الأهم: كيف ستنعكس هذه التحولات العالمية على خريطة الاستثمارات الدوائية فى السوق المصرية، خاصة فى مجالات الأورام واللقاحات والأمراض النادرة التى تشهد طلبًا متزايدًا محليًّا؟.

وعبّرت نتائج أعمال شركة فايزر - حصلت “المال” على نسخةٍ منها - عن نجاحها فى تحقيق إيرادات سنوية بزيادةٍ تشغيلية بلغت %10 مقارنةً بالعام السابق، بالتزامن مع ما وصفته بـ”مبادرة خفض التكاليف”.

وتأتى مبادرة خفض التكاليف، لتعكس إدراك الشركة بحتمية تحسين هامش التشغيل فى ظل المنافسة الشديدة والضغوط الناتجة عن انتهاء عصر الطفرة فى مبيعات لقاحات كوفيد - 19. 

وكشفت نتائج الأعمال عن استهداف الشركة تحقيق إيرادات بنهاية العام الحالى تصل إلى 64 مليار دولار، مع وجود خطط لتعزيز الإنتاجية وزيادة هامش التشغيل، فى ظل ما تشهده من نمو فى الأسواق الدولية، التى تشمل آسيا، أفريقيا، الشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية.

وأظهرت نتائج الأعمال تأثر الشركة بتقلبات أسعار الصرف فى الأسواق الناشئة، ما انعكس على حجم الإيرادات المعلنة بالدولار، خاصة وأن سعر الصرف دائمًا ما يلعب دورًا فى تحديد التكلفة النهائية للأدوية. 

وعلى الرغم من عدم وجود إشارة إلى السوق المصرية بشكل خاص، إلا أن البيانات تُظهر توجه الشركة نحو التوسع فى برامج خفض التكاليف وتحسين الكفاءة لتوسيع هوامش التشغيل فى الأسواق الدولية، وهو ما قد يعنى أن الأسعار أو سياسات التوزيع فى الشرق الأوسط وأفريقيا ستتأثر بخطط الترشيد وخفض التكاليف.

برامج التحصين 

وجاء لقاح Abrysvo ضد الفيروس المخلوى التنفسى (RSV) على رأس قائمة الأصناف التى حققت نموًا كبيرًا بنسبة %155، بفضل التوسع فى استخدامه للفئات العمرية الجديدة مثل الأمهات وكبار السن، فى الوقت الذى تتزايد فيه مساعى الشركة لإدراجه ضمن برامج التحصين التى تعتمدها وزارة الصحة والسكان، خاصة للحوامل، وهو الأمر الذى ما زالت الوزارة تدرسه. 

وبحسب التقرير، فإن الأدوية التى تقود نمو الإيرادات فى الأسواق الناشئة - مثل دول الشرق الأوسط وأفريقيا - تتركز فى علاجات الأورام، واللقاحات، وأدوية الأمراض النادرة، بعدما سجلت نموًا ملحوظًا فى نتائج الربع الثانى من العام الحالى 2025.

لقاحات كورونا 

وجاءت قائمة المنتجات الأساسية التى حققت نموًا فى هذه الأسواق بحسب التقرير، عائلة Vyndaqel، محققة نموًا فى المبيعات بلغ %21، وتُستخدم هذه العلاجات لاعتلال عضلة القلب الناتج عن ترسب بروتين الترانسثيريتين (ATTR-CM)، وسط توقعات بزيادة الطلب عليها فى السوق المحلية مستقبلًا فى ظل التوجه نحو تشخيص أمراض القلب النادرة. 

وحقق لقاح Comirnaty لعلاج (كوفيد - 19) نموًا ملحوظًا بلغ %95 نتيجة تسليمات تعاقدية أكبر فى بعض الأسواق الدولية وزيادة الحصة السوقية فى أمريكا، فى ظل العمل على تحديثات التركيبة لمواكبة المتحورات، إلا أن تراجع الطلب بات ملحوظًا على المستويين المحلى والعالمى. 

كما تمكن عقار Paxlovid (علاج كوفيد - 19) من تحقيق نمو بنسبة %71، بفعل تعديل الأسعار فى أمريكا وبعض التعديلات المحاسبية، رغم انخفاض معدلات العدوى عالميًّا، لكن الطلب عليه فى السوق المحلية قد يكون محدودًا إلا فى حالة حدوث موجات عدوى جديدة.

أدوية السرطان 

وسجل عقار Padcev (لعلاج سرطان المثانة المتقدم) نموًا بنسبة %38 عالميًّا نتيجة زيادة الاستخدام فى حالات سرطان المثانة، وهو النوع الأكثر شيوعًا فى مصر نتيجة عوامل تاريخية مثل البلهارسيا، وسط توقعات بانتشاره بشكل أوسع داخل السوق المحلية، الأمر الذى قد يترتب عليه أثر كبير على بروتوكولات العلاج فى المستشفيات الجامعية والخاصة. 

كما أظهرت النتائج تحقيق عقار Eliquis (مضاد للتجلط) نموًا بنسبة %6، نتيجة زيادة الطلب - وهو أحد العلاجات واسعة الانتشار فى السوق المصرية - فى الوقت الذى واجه فيه ضغوط أسعار فى بعض الأسواق، وسط توقعات بحدوث تغيّر فى المبيعات حال إجراء تعديلات على التسعير أو دخول بدائل جنيسة.

وتمكن عقار Lorbrena لعلاج سرطان الرئة ALK+ من تحقيق نمو بنسبة %48 عالميًّا، خصوصًا فى أمريكا والصين، فى ظل ارتفاع الطلب عليه داخل السوق المحلية باعتبار سرطان الرئة من أكثر الأورام انتشارًا فى مصر، وهو ما قد يغير مسار بروتوكولات علاج المرضى الذين يحملون الطفرات الجينية المستهدفة. 

على صعيد متصل، أشار التقرير إلى أن عقار Ibrance لعلاج سرطان الثدى سجل تراجعًا فى المبيعات بنسبة %8، بفعل وجود منافسة مع أدوية جنيسة فى الأسواق الدولية، علاوة على كونه من بين العلاجات الأعلى تكلفة فى بروتوكولات علاج سرطان الثدى فى مصر.

تحديات كثيرة

قال مصدر مطلع لـ”المال” - طلب عدم ذكر اسمه - إنّه رغم الأداء الإيجابى، إلا أن شركة فايزر ما زالت تواجه عدة تحديات جوهرية فى السوق المحلية، يأتى فى مقدمتها تقلبات أسعار الصرف، وهو عامل مؤثر بشكل مباشر على إيراداتها المعلنة بالدولار، الأمر الذى قد يدفع الشركة إلى تعديل أو تغيير سياساتها فى السوق المصرية.

وشدد المصدر على أن ما وصفه بـ”الاعتماد الكبير” سابقًا على مبيعات اللقاحات والعلاجات المرتبطة بجائحة كورونا، يفرض على الشركة ضرورة تنويع مصادر النمو، والمضى بسرعة فى تنفيذ مبادرات خفض التكاليف.

وأكد أن حالة المنافسة التصاعدية التى تشهدها السوق، وتشارك فيها شركات كبرى مثل: أسترازينيكا وميرك ونوفارتس، تضغط بقوة على فايزر، فى ظل تسارع عمليات تطوير علاجات الأورام واللقاحات لدى هذه الشركات.

واعتبر المصدر أن لدى فايزر أيضًا فرصًا للنمو، خاصة فى السوق المصرية، تتمثل فى تعزيز مبيعات الأدوية المرتبطة بعلاج الأورام، وعلى رأسها سرطان المثانة والرئة والثدى، فى ظل مساعى الشركة للتوسع خلال الفترة الأخيرة. 

كما أشار إلى أن اللقاحات الجديدة مثل Abrysvo ضد الفيروس المخلوى التنفسى قد تجد طريقها إلى برامج التطعيم الحكومية، وهو ما قد يعزز مبيعات الشركة محليًّا.

وأضاف أن تقلبات أسعار الصرف ستظل تحديًا رئيسيًّا، ما قد يدفع الشركة إلى مطالبة الحكومة - ممثلة فى هيئة الدواء المصرية - بإعادة النظر فى أسعار عدد من منتجاتها. 

وشدد على أن دخول بدائل جنيسة لبعض الأدوية التى تنتجها الشركة مثل Ibrance لعلاج سرطان الثدى، وEliquis لعلاج التجلط، قد يخلق منافسة سعرية قوية فى السوق المحلية، ما يعنى أن فرص النمو تواجه تحديات كبرى.

واختتم المصدر تصريحاته بالتأكيد على أنه رغم التحديات المرتبطة بأسعار الصرف والمنافسة، فإن السوق المصرية، بما تشهده من طلب متزايد على العلاجات المبتكرة، قد تكون إحدى أبرز المستفيدات من خطط الشركة العالمية.

منافسة ساخنة 

رغم احتفاظ فايزر بمكانتها الريادية بفضل اعتمادها على اللقاحات والعلاجات المبتكرة، إلا أنها ليست اللاعب الوحيد فى سباق تطوير الأدوية الجديدة، خاصة فى مجالات الأورام والمناعة والأمراض النادرة.

ففى الفترة الأخيرة، توسعت أسترازينيكا - وهى شركة بريطانية سويدية متعددة الجنسيات - بقوة فى مجال أدوية الأورام، وجذبت استثمارات ضخمة فى المنطقة، إلى جانب توقيعها اتفاقيات تعاون مع وزارتى الصحة والتعليم العالى فى مصر، بما يعزز من حضورها محليًّا.

وفى السياق ذاته، تمكنت ميرك - الشركة الألمانية الأمريكية - من تحقيق نجاح واسع عبر علاج Keytruda فى مجال المناعة ومواجهة السرطان، مع استمرارها فى تطوير علاجات لأمراض أخرى، وهو ما يزيد من فرصها للتوسع داخل السوق المحلية.

أما نوفارتس - إحدى أكبر الشركات متعددة الجنسيات المصنعة للأدوية - فتتصدر قطاع أمراض المناعة الذاتية والأمراض النادرة عالميًا، فضلًا عن احتلالها مرتبة متقدمة فى السوق المصرية، ما يمنحها قدرة قوية على المنافسة.

وجدير بالذكر أن فايزر مصر حققت خلال عام 2024 مبيعات بلغت 3.85 مليار جنيه، بحصة سوقية بلغت %1.8 من سوق الأدوية المصرية، لتحتل المركز السادس عشر بين قائمة الشركات الأعلى مبيعًا. وتترقب السوق المحلية ارتفاعًا فى مبيعاتها خلال 2025، مدفوعًا بزيادة أسعار العديد من الأصناف التى تمتلكها الشركة.

الشركة أمام اختبارات استراتيجية حاسمة بسبب تقلبات أسعار الصرف وتصاعد المنافسة

الإيرادات تقفز %10 عالميًا وتستهدف تحقيق 64 مليار دولار بنهاية العام الحالى